من
تكون
، تقف إمامي دائما بالنافدة المقابلة لشرفتي تتابع تحركاتي و تشاهد
ما أنشر من رسم و ما أنحت من كلمات على الجدار ، لطالما
اشتركنا معا بوقفتنا بذات المكان، كل منا بشرفته.
منذ انتقاله إلى جوارنا أصبح
جارنا المجهول من سنين مضت ،لم أهتم بأمره بالبداية و لا يبدو لي أنه اهتم أيضا،
إلا إن ذات يوم
كنت أتناول فنجان من القهوة بعشيه يوم ممطر ، أشاهد الناس و هم يمتطوا
مركباتهم و منهم من يسير على قدميه تحث زخات المطر..
منهم من يغطي رأسه برفع سترته
و يتابع السير و منهم من يمشي مستند إلى زوجه و بيده مظله تقيهما هطول
القطرات، الشارع مزدحم كالعادة الكل فرح بتلك الخيرات ،
يعجبني منظر المطر و أنا
أراقب هطول قطراته من مكان مرتفع ، أنها شرفتي مكاني المحبب لي ،
الا يوجد أحد ببيته الكل بالخارج أتمتم هذه
الكلمات بإضجار و أنا أرفع عيني إلى المبنى المقابل و إذا به رجل يافع طويل إلقامه ،يرفع يديه ناحية
السماء ليجمع قطرات من المطر بيده و الابتسامة ظاهرة على شفتيه ، أنا واقفة بحجابي
المستدل على رأسي ، أقف وحيده و أشاهد ما يشاهد فنحن نشترك في ذات المشهد المطل
على الشارع ..
كان منسجم بتلك القطرات التي تلامس يداه ، أسرح
و أفكر و لم أدرك أنه انتبه لـتفكيري و انسجامي بالمنظر ،إلا عندما لوح لي بيده
وابتسم ،ابتسامة مشرقة غطت نصف وجهه عرفت من خلالها إنه يتابعني و بصمت ربما يعرف
عني القليل من خلال نافدتي هذا كان اعتراف ابتسامته الخجولة ،رددت عليه
بمثلها و ابتسمت ..
تلك هي بداية التعارف، منذ ذاك الحين أصبح جزء
من يومي هو متابعته و انا استمر بنقش أحرفي و صنع كل جميل لينال
أعجبه ،
بدأت ألاحظ وجوده و متابعته لي ، انا
لا أعرف عنه سوى ما ظهر لي من خلال نافذته ،
و لكن هل هو فعلا كما تبين لي ؟ هو ذاته ؟ كيف
لي أن أعلم من يكون و أنا أحدثه بالعيون، هو يرى ما أبدع و يبتسم لي إعجابا بما
صنعت، أنا افعل ذات الشيء ،
الابتسامة هنا لغة حديثنا ،لكل منا حياته الخاصة
و روتينه اليومي نستيقظ صباحا نمضي في ذات الطريق كل منا إلى عمله و لا نلتقي الا
من خلال النافدة وتمضي الأيام،
التعجب و الحيرة تملئ تفكيري !! أتسأل دائما هل نكتفي و إياه بهذه
الابتسامات و هي طريقة تعبيره الوحيدة بما أصنع أم أن ابتسامته ما هي الا
ابتسامة للحياة و هو فقط يقف ليراقبني بنظراته كما
يراقب باقي البشر بشارعنا ؟ هل يهتم بأمري أم بأمرهم جميعا ؟
يحيرني هذا الشيء يستدعيني لـ إخراج رأسي لأرى باقي نوافذ المباني و
الشرفات، و لكن لا يوجد أحد بهذا الشارع يقف بالشرفة ليرسم أجمل اللوحات سوئي،
اكتفى اغلبهم بقراءة الصحف والمجلات و بعضهم يفضل الفيديو و النشرات
لا يهتم بما اكتب على جدار غرفتي ، و منهم من لهى بالحديث مع رفاقه و مع
العائلة بالخصومات..
هذا ما يظهر لي ألان و أنا أشاهد تلك النوافد,
،من يكون هو إذا ؟؟
لما كل هذا التفكير ما هو إلا فتى بهذا الكون
المستدير ،يراقبني كيف أسير و لا يجب أن أهتم بهذا التخمين ،،
كم
انت محير ايها العالم الافتراضي
^^
المودة